{ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ }

الأربعاء، 23 ديسمبر 2015

الفتق الأُربي



يظهر الفتق الأُربي بسبب عَيب أو ضَعف في الجزء السُّفلي من عضلات البطن. يُمكن أن ينجم ضعف العضلات عن رفع أجسام ثقيلة.
ويُمكن أن ينجم أيضاً عن الضَعف التدريجي للعضلات نتيجة الإجهاد المستمر. إذا اندفعت الأمعاء أو نُسُج أخرى من خلال منطقة ضعيفة في جدار البطن مُشكِلةً كتلة تحت الجلد، فإن هذه الحالة تُدعى فتقاً. يمكن أن يظهر الفتق عند الذكور على شكل تورم في الصفن. يمكن أن يكون الفَتق خطراً لأن بعض الأعضاء الموجودة داخل البطن، كالأمعاء مثلاً، يمكن أن تلتصق أو تَنفتل داخل الفتق ما يُسبب انقطاع تدفق الدم إليها.وهذه حالة تتطلب إجراء عملية جراحية أكثر تعقيداً وخطورةً من مجرد إصلاح الفتق جراحياً عند ظهوره. 
مقدمة
الفتوقُ حالاتٌ كثيرة الانتشار، تصيب الرجالَ والنساء في كلِّ الأعمار. 

قد ينصح الطبيبُ مريضه بإجراء عمليَّة جراحية للفتق. 

يعود قرارُ إجراء العملية أو عدم إجرائها إلى المريض نفسه أيضاً. 

يساعدُ هذا البرنامجُ التثقيفي على اكتساب فهمٍ أفضل لمنافع هذه الجراحة ومخاطرها. 


لمحة تشريحية
تساعد المَعِدَةُ والأمْعاء على هضْم وامتصاص الطعام الذي نتناوله. 

توجد المَعِدةُ والأمعاء داخل البطن، وهما مغطَّيان ومحميَّان بثلاث طبقات. 

الطبقةُ الأولى هي غشاءٌ رقيق يدعى الصِّفاق (البريتوان). 

والطبقةُ الثانية هي جدار يتألَّف من عدَّة عضلات. 

والطبقةُ الثالثة، والأخيرة، هي الجلد. 


أسباب وأعراض الفتق الإربي
إذا أصبحت عضلاتُ البطن ضعيفةً، فقد تندفع الأمعاءُ أو النسيج الشحمي والطبقة الأولى، أي الصِّفاق، من خلال نقطة الضعف. ويَشعر المريضُ بها مثل كتلة ناتئة موجودة تحت الجلد؛ ويُدعى ذلك فَتقاً. 

هناك أربعةُ أنواع رئيسيَّة من الفتوق: السُّرِّية والأُربيَّة والبَطنية وفُتوق الشقوق الجراحية. يشرح هذا البرنامجُ معالجة الفتوق الأُربيَّة. 

يحدث الفتقُ الأُربي بسبب عَيب أو ضَعف في الجزء السُّفلي من عضلات البطن. 

يُمكن أن تشعرَ بالفَتق كتورُّم في الناحية الأُربيَّة. وهو يظهر عند الذكور كتورُّم أو تضخُّم في الصَّفَن. 

يُمكن أن ينجمَ ضعفُ العضلات عن رفع أجسام ثقيلة؛ كما يُمكن أن ينجمَ أيضاً عن الضَعف التدريجي للعضلات نتيجة الإجهاد المستمرِّ. 

يميل حجمُ الفَتق إلى الازدياد مع مرور الوقت. 

يمكن أن يكونَ الفَتقُ خطراً، لأنَّ بعض الأعضاء الموجودة داخل البطن، كالأمعاء مثلاً، يمكن أن تلتصقَ أو تَنفتل داخل الفتق، ممَّا يُسبِّب توقُّفَ تدفُّق الدم إليها. 

يُدعى الفَتقُ في هذه الحالة باسم الفتق المُختنق؛ ويمكن أن يُؤدِّي إلى موت جزء من الأمَعاء، ممَّا يتطلَّب إجراء عمل جراحي أكثر تعقيداً وخطورةً. 

تكون الجِراحةُ هي الحل الوحيد لتصحيح المشكلة. 


الإجراء الجراحي
هناك طريقتان لإصلاح الفتوق الأُربيَّة، تُدعى إحداهما "إصلاح الفتق بالطريق المفتوح"؛ وهي تتمُّ من خلال شقٍّ في الجلد فوق مكان الفَتق. 

كما يمكن أيضاً أن يتمَّ إصلاحُ الفتق بطريقة بديلة بوساطة المناظير التي يَجري إدخالُها عبر شقوق جراحية صغيرة. وهذا ما يُدعى باسم "إصلاح الفتق بالتنظير". 

تتمثَّل مزايا الجراحة التنظيرية في أنَّها تحتاج إلى فترة شفاء أقل، وإقامة أقصر في المستشفى. لكنَّ هذه الطريقة لا تصلُح لكلَّ المرضى؛ فمثلاً، المرضى الذين أجروا عمليات جراحية سابقة في البطن أو كان لديهم التصاقات بَطنية لا يستطيعون الاستفادةَ من هذه الطريقة. 

في بعض الأحيان، يُمكن أن يبدأ الجرَّاح بإجراء العملية عن طريق التنظير، ثم يتحوَّل إلى عمل جراحي مفتوح. ويحدث ذلك عادةً إذا ارتأى الجرَّاح أنَّ الجراحة المفتوحة أكثر أماناً بالنسبة لهذا المريض بالذات؛ ولكن هذا نادر الحدوث. 

تُجْرى العمليَّةُ المفتوحة تحت التخدير العام أو النُّخاعي أو التخدير فوق الجافية أو التخدير الموضعي. أمَّا العمليةُ التنظيرية فهي تجري تحت التخدير العام دائماً. وسوف يحدِّث الطبيبُ أو طبيبُ التخدير المريضَ عن نوع التخدير الأكثر ملاءمةً في حالات الجراحة المفتوحة. 

في حالة الجراحة المفتوحة، يُجري الطبيبُ الجرَّاح شقاً في ناحية الفتق. 

ثمَّ يقوم بدفع الأمعاء والصِّفاق إلى الداخل باتِّجاه البطن. 

ثمَّ يقوم الطبيبُ بتقوية الجدار العضلي خلف الفَتق عن طريق الخياطة. 

ويُمكن أن يُقرِّر الطبيبُ وضعَ شبكة صُنعية للتقوية فوق ذلك المكان. 

وفي النهاية، يقوم الطبيبُ بإغلاق الشقِّ. 

عند إجراء العملية بالتنظير، يتمُّ ملء جوف البطن بغاز خاص. 

يُجري الجرَّاح شقوقاً صغيرة تُدخَل منها المناظيرُ إلى جوف البطن. 

ثمَّ يتمُّ دفعُ الأمعاء والصِّفاق إلى الداخل باتِّجاه جوف البطن. 

وتُوضَع شبكةٌ لتقوية المنطقة. 


مخاطر جراحة الفتق الإربي
هذه الجراحة آمنةٌ جداً. ولكن هناك بعضُ الاحتمالات لحدوث مخاطر ومضاعفات. ومع أنَّها مستبعدة، لكنَّها تبقى ممكنة الحدوث؛ ولذلك، يجب أن يعرف المريضُ هذه المخاطرَ تحسُّباً لحدوثها؛ فمن خلال معرفتها، قد يصبح قادراً على مساعدة الطبيب في الكشف عن المضاعفات فور حدوثها. 

هناك مخاطرُ ومضاعفاتٌ متعلِّقة بالتخدير، وهناك مخاطر ومضاعفات تتعلَّق بأيِّ نوع من أنواع العمليات الجراحية. 

تشمل مخاطرُ التخدير العام الغثيانَ والقيء واحتباس البول وجرح الشفتين وتكسُّر الأسنان وآلام الحلق والصداع. وتشمل المخاطرُ الأكثر جدِّيةً للتخدير العام النوباتِ القلبية والسكتات الدماغية والتهاب الرئة. سوف يحدِّث طبيبُ التخدير المريضَ عن هذه المخاطر، ويسأله ما إذا كان يتحسَّس من بعض الأدوية. 

يُمكن أن تحدثَ جلطاتٌ دموية في الساق بسبب قلَّة النشاط في أثناء الجراحة وبعدها؛ وهي تظهر عادةً بعد بضعة أيَّام من العملية، وتسبِّب تَوَرُّماً وألماً في الساق. 

وقد تنفصل الجلطاتُ الدموية عن الساق، وتنتقل إلى الرئتين مع الدم، حيث يُمكن أن تسبِّب صعوبةً في التنفُّس وألماً في الصدر، كما قد تسبِّب الموت. ولذلك، من المهمِّ جداً أن يخبر المريضُ أطبَّاءه في حال ظهور أيِّ عَرَض من هذه الأعراض. ويمكن أن تحدث صعوبةُ التنفُّس من دون إنذارٍ مسبق أحياناً. يُساعد النهوضُ من الفراش في أبكر وقت ممكن بعد الجراحة في الحدِّ من تشكُّل الجُلْطات الدموية في الساقين. 

هناك مخاطرُ ممكنةٌ في أيِّ نوع من الجراحة. ومنها:
العدوى. يمكن أن يُصابَ الشَقُّ الجراحي في البطن بالعدوى. وقد تتطلَّب معالجةُ العدوى استخدامَ المضادَّات الحيوية، ويُمكن أن يحتاج المريضُ إلى إجراء عملية جراحية لإزالتها.


النزف، سواء في أثناء العملية أو بعدها. ويُمكن أن يُسبِّب النزفُ تبدُّلَ لون الجلد إلى الزُّرقة.


الندبات الجلدية التي قد تكون مؤلمة أو قبيحة الشكل.


هناك عددٌ من المخاطر والمضاعفات الأخرى تتعلَّق بهذه الجراحة تحديداً؛ وهي نادرة جداً أيضاً، لكن من المهمِّ أن يعرفها المريض. 

يمكن أن تُصاب أعضاء في البطن. ومن أمثلة ذلك: يُمكن أن تَنْثَقب الأمعاء. 

يُمكن أن تُصاب الأعضاءُ المؤنَّثة الداخلية، كالرحم والمبيضين مثلاً. 

كما يمكن أيضاً أن تُصاب الكليتان والمثانة والحالبان. 

تؤدِّي إصابةُ هذه الأعضاء إلى حدوث ضرر دائم، ممَّا يستدعي إجراء عمليات جراحية أخرى. لكنَّ هذه الإصابات نادرة جداً. ويُمكن أن يحدث الموتُ في حالات نادرة للغاية، بسبب هذه المضاعفات. 

من الممكن أن يعودَ الفَتق، كما يُمكن أن يظهر فتقٌ جديد. 

إذا تمَّ وضع شبكة للتقوية في أثناء الجراحة، ثمَّ حدثت عدوى، فمن الممكن أن يحتاجَ الأمرُ إلى إزالة الشبكة للمساعدة في شفاء هذه العدوى. 

في الفتوق التي تحدث بجانب منطقة المغبن (المنطقة الأُربيَّة)، يمكن أن تُصاب أنابيب خاصة تُدعى "الأسهر" أو "القناة الناقلة للنُطاف"، وهي تمرُّ من الخِصية إلى جانب الفتق نفسه، وتصل إلى الجهاز التناسلي داخل الحوض. وينجم عن إصابة الأسهر العُقمُ، أي عدم القدرة على الإنجاب إذا لم تكن الخِصية الأخرى سليمةً. ويتطلَّب إصلاحُ هذه الإصابة إجراء عملية أخرى قد لا تُكلَّل بالنجاح. 

وفي الفتوق الأُربيَّة، يُمكن أن تُصاب الأوعيةُ الدموية والأعصاب المتَّجهة إلى الساق، فتؤدِّي إلى بعض النزف أو إلى نقص الإحساس على السطح الداخلي للفخذ. ويمكن أن تكونَ هذه الإصابةُ دائمة. 


بعد جراحة الفتق الإربي
بعد إجراء العمليَّة، يتمُّ نقلُ المريض إلى غرفة الإنعاش، ثمَّ يذهب إلى بيته أو إلى غرفة عادية في المستشفى. 

يعودُ معظمُ المرضى إلى البيت في يوم العمليَّة نفسه. 

يُعدُّ ظهورُ بعض التَوَرُّم حول الشق الجراحي، إضافةً إلى تبدُّل لون الجلد إلى الأزرق، أمراً طبيعياً في عمليات الفُتوق الأُربيّة. ويمكن أن يصلَ التورُّمُ والازرقاق إلى القضيب أيضاً. لكن من الواجب إخبار الطبيب على الفور إذا كان الألمُ أو تغيُّر اللون شديداً جداً، أو إذا عجز المريضُ عن التَبوُّل. 

قد يكون التورُّمُ شديداً، وخاصَّة في الصَّفن؛ لكنَّ التورُّم يتراجع مع مرور الوقت. أمَّا إذا كان التورُّم شديداً جداً ومزعجاً، ولم يتراجع مع الوقت، فعليك مُراجعة الطبيب الجراح للتأكُّد من عدم وجود مُضاعفات خطيرة، كالعدوى مثلاً. 

علي المريض أن يمتنعَ لعدَّة أسابيع عن حمل أشياء ثقيلة وعن الانحناء، وذلك للوقاية من عودة ظهور الفتَق من جديد. 

سوف يساعد الطبيبُ المريضَ في تقرير موعد عودته إلى العمل، وفي تحديد الأمور التي يجب أن يلتزم بها، وذلك تبعاً لحالته الصحِّية. 

يجب أن يحرصَ المريضُ على مراجعة الطبيب في حالة ظهور أيَّة أعراض جديدة، مثل الحمَّى أو الألم الشديد في البطن أو الضعف أو التورُّم أو العدوى. 


الخلاصة
تعدُّ الفتوقُ حالة واسعة الانتشار؛ وهي تُصيب الأشخاصَ في كلِّ الأعمار. ومن الممكن أن تسبِّب ألماً شديداً ومضاعفات خطيرة إذا لم تتمَّ معالجتُها. 

يُوصى بالجراحة عادةً لمعالجة الفتوق. 

تعدُّ جراحةُ الفتق آمنة وفعَّالة جداً. كما أنَّ المخاطر والمضاعفات نادرة للغاية. ولذلك، فإنَّ معرفة المريض بهذه المخاطر والمضاعفات قد تُمكِّنه من الكشف عنها ومعالجتها في وقت مُبكِّر.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More