{ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ }

الخميس، 18 أغسطس 2016

الإشريكيةُ القولونية (إي كولاي)


الإشريكيةُ القولونية (إي كولاي) 

هي نوعٌ من الجراثيم. إنَّها غيرُ ضارَّة، وتعيش في الأمعاء دون أن تسبِّبَ أيَّةَ أمراض. ولكن أنواعاً أخرى من الإي كولاي يمكن أن تسبِّبَ المرض. والطعامُ هو من طرق العدوى بهذه الجراثيم، لأنَّ معظمَ حالات هذه العدوى تنجم عن تناول لحم غير مطبوخ بشكل جيِّد، أو عن تناول الماء أو الطعام الملوَّث بالبراز، أو عن تناول الحليب أو العصير غير المبستر؛ وهناك أسبابٌ أخرى. والعَرَضُ الأكثر شيوعاً للعدوى بالإي كولاي هو الإسهالُ المُدَمَّى الذي يبدأ فجأة. ويمكن أن تكونَ الأعراضُ الأخرى خفيفةً أو شديدة بحسب ذُرِّيَّة الإشريكية القولونية المسبِّبة للمرض. وأكثر مضاعفات العدوى بهذا الجرثوم مشاهدةً هي المرض الخطير المُسمَّى مُتلازمة انحلال الدم اليوريمية. يجب الاتصالُ بالطبيب إذا ظهرت لدى الشخص أعراضُ العدوى بالإشريكية القولونية. إنَّ الوقاية من هذه العدوى سهلة في معظم الأحيان. وهناك بعضُ حالات العدوى بالإشريكية القولونية يمكن أن تُسبِّبَ مضاعفاتٍ خطيرةً على الحياة. ولكنَّ معظمَ حالات هذه العدوى تشفى من غير معالجة. يساعد هذا البرنامجُ على فهم العدوى بالإشريكية القولونية؛ ويتناول أسبابَ وأعراض وتشخيص ومعالجة هذه العدوى والوقاية منها. 
مقدِّمة
تنجم العدوى بالإشريكية القولونية عن أنواع معيَّنة من جراثيم الإشريكية القولونية المُمرِضة. الإي كولاي هي اختصارٌ لعبارة "الإشريكية القولونية". تتحسَّن معظمُ حالات العدوى بالإشريكية القولونية من غير معالجة. ولكنَّ بعضَ هذه الحالات يمكن أن تشكِّلَ خطراً على الحياة. يساعد هذا البرنامجُ التثقيفي على فهم العدوى بالإشريكية القولونية، ويتناول أسبابَ وأعراض وتشخيص ومعالجة هذه العدوى والوقاية منها. 
ما هي الإشريكيَّةُ القولونية؟
الإشريكيةُ القولونية هي نوعٌ من الجراثيم، بعضها غير ضار ويعيش في الأمعاء دون أن يُسَبِّب أيَّ مرض، ولكنَّ بعضَها الآخر يمكن أن يُسبِّب المرض. تُطلق الأنواعُ الأكثر خطورة من جراثيم الإشريكية القولونية مادَّةً سامَّة تُسمَّى الذيفانات. وهي تُؤذي الأمعاءَ، وتسبِّب الالتهاب. الالتهابُ هو استجابةٌ طبيعية للإصابة أو التلوُّث من جانب الجهاز المناعي في الجسم. إنَّ الجراثيم والفيروسات هي مُلوِّثاتٌ تسبِّب الالتهاب. وهذا يسبِّب الإسهال الدموي، وقد يسبِّب الفَشل الكلوي أحياناً. يمكن أن تسبِّب جراثيم الإشريكية القولونية عدوى في الجهاز البولي أيضاً، وكذلك في الجهاز التنفُّسي مثل التهاب الرِّئة وغيره من الأمراض. يعدُّ تناولُ الطعام الملوَّث أحدَ طرق إصابة الناس بعدوى الإشريكية القولونية. وتنجم معظمُ حالات هذه العدوى عن:
اللحم غير المطبوخ جيِّداً.
الماء والطعام الملوَّثين بالبِراز.
الحليب غير المُبَستَر (غير المغلي) والعصير.
يمكن أن يحتوي اللحمُ غير المطبوخ جيِّداً على جراثيم الإشريكية القولونية. وهذا ما يحدث إذا كان اللحمُ مأخوذاً من حيوان مُصاب بالإشريكية القولونية. إنَّ طهيَ اللحم بشكلٍ جيِّد يقتل هذه الجراثيم. إنَّ التَّماسَ مع الماء المُلوَّث بالبِراز لا يقتصر على الشرب وحده، لأنَّ السباحة في ماء مُلوَّث، أو حتَّى في حوض مُلوَّث، يمكن أن تُسَبِّب الإصابةَ بالإشريكية القولونية. قد يتلوَّثُ الطعامُ بالبراز إذا لم تتوفَّر شروط النظافة، ولم يجرِ إعدادُ الطعام بشكل مناسب؛ فمثلاً، يمكن أن يتلوَّثَ اللحمُ بالبِراز في أثناء معالجته في مَصنع التعليب. وإذا لم يجرِ طهيُ هذا اللحم جيِّداً قبلَ أكله، فمن الممكن أن يُسبِّب العدوى بالإشريكية القولونية. يمكن أن تكونَ الفاكهةُ أو الخضار الطازجة ملوَّثةً أيضاً ببراز الحيوانات، لأنَّ الحيوانات يُمكن أن توجدَ في المناطق التي تنمو فيها هذه الثِّمار. لذلك، يجب غسلُها قبلَ تناولها. يُمكن أن تنتقلَ الإشريكية القولونية من شخصٍ لآخر في حالات نادرة؛ فإذا لم يغسل الشخصُ المُصاب بالإشريكية القولونية يدَيه بعدَ الدخول إلى الحمَّام، قد تنتقل الجراثيمُ إلى الأشياء التي يلمسها، ومن ثمَّ تنتقل إلى الشخص الذي يلمس هذه الأشياءَ المُلوَّثة. إن الاحتكاك مع الحيوانات التي تحمل الإشريكية القولونية يمكن أن يسبِّب العدوى أيضاً. والماشيةُ هي المصدرُ الرئيسيُّ للأنواع الشائعة من الإشريكية القولونية. ولكن هناك حيواناتٌ أخرى أيضاً يُمكن أن تحملَ هذه الجراثيم. 
الأعراض والتشخيص
تظهر أعراضُ العدوى بالإشريكية القولونية بعدَ يوم واحد إلى ثلاثة أيَّام من الإصابة. وهذا هو الوقتُ الذي تستغرقه الجراثيمُ للوصول إلى الأمعاء. يمكن أن تكونَ الأعراضُ خفيفةً أو شديدة. وهذا يتوقَّف على نوع الإشريكية القولونية المسبِّبة للمرض. العَرَضُ الأكثر شيوعاً لمعظم أنواع الإشريكية القولونية هو الإسهالُ المدمَّى الذي يبدأ فجأة. ومن الأعراض الأخرى:
الغازات أو انتفاخ البطن.
تَشَنُّج المَعِدة.
نَقص الشهية.
الحُمَّى.
يمكن أن يكونَ التقيُّؤُ أحدَ أعراض العدوى بالإشريكية القولونية، ولكنَّه عَرَضٌ غير شائع لهذا المرض. أعراضُ العدوى الشديدة بالإشريكية القولونية هي:
بَول أحمر أو مدمَّى.
قلَّة كمِّية البول.
شحوب الجلد.
سهولة التَّكَدُّم.
من النادر أن تسبِّبَ الإشريكية القولونية هذه الأعراض، لكن من المهم أن يعرفَها المريضُ تحسُّباً لحدوثها. يسأل الطبيبُ عن الأعراض من أجل تشخيص العدوى بالإشريكية القولونية. ويمكن أن يُجري فحصاً سريرياً للتقَصِّي عن الألم في المعدة وعن الجفاف. يمكن أن يطلبَ الطبيبُ بعضَ الفحوصات المختبرية، حيث يمكن إجراءُ فحص لِعَيِّنة من البِراز للتحرِّي عن وجود جراثيم الإشريكية القولونية. كما يمكن فحصُ الطعام عندَ الشكِّ في أنَّه هو مصدرُ العدوى. 
مضاعفاتُ العدوى بالإشريكية القولونية
تُعدُّ متلازمةُ انحلال الدم اليوريمية أكثرَ مضاعفات العدوى بالإشريكية القولونية شيوعاً. تعني كلمةُ "انحلال" أنَّ كريَّات الدم الحمراء تَنحَل داخلَ الأوعية الدموية، فتفقد وظيفتَها. وهذا ما يُسبِّب ظهورَ الدم في البول، وقد يسبِّب قصوراً أو فَشلاً كلوياً أيضاً. تظهر هذه المتلازمةُ عند عشرة أو خمسة عشر بالمائة من المصابين بالإشريكية القولونية، وهي حالةٌ خطيرة تحتاج إلى علاج في المستشفى، ويمكن أن تسبِّبَ الموتَ أحياناً. يُمكن أن تبدأَ متلازمةُ انحلال الدم اليوريمية بعدَ خمسة إلى عشرة أيَّام من بدء الإسهال، وفي هذا الوقت تكون العدوى بالإشريكية القولونية قد انتهت. تعدُّ متلازمةُ انحلال الدم اليوريمية حالةً شائعة عندَ الأطفال. وهي السببُ الأكثر شيوعاً للقصور أو الفشل الكلوي عندَ الأطفال. يمكن أن تسبِّبَ متلازمةُ انحلال الدم اليوريمية مضاعفاتٍ أخرى، هي:
ارتفاع ضغط الدَّم الشِّرياني.
العَمَى.
الشَّلل.

معالجةُ العدوى بالإشريكية القولونية
تتحسَّن معظمُ حالات العدوى بالإشريكية القولونية من دون معالجة. ويستمرُّ المرضُ من خمسة إلى عشرة أيَّام. يمكن أن يؤدِّي الإسهالُ الناجم عن العدوى بالإشريكية القولونية إلى الإصابة بالجفاف. ويكون على المريض أن يشربَ الكثير من السوائل، لاسيَّما الماء. كما يمكن أن يحتاجَ المريضُ إلى أخذ سوائل عبر الوريد في المستشفى. من المفيد في حالة الإسهال تناولُ وجباتٍ عديدة صغيرة. كما أنَّ تناولَ أطعمة مالحة وغنيَّة بالبوتاسيوم يُحَسِّن حالةَ مريض الإسهال. من النادر أن تفيدَ مضادَّاتُ الجراثيم في معالجة العدوى بالإشريكية القولونية. وفي الحقيقة، يمكن أن يزيدَ تناولُ مضادَّات الجراثيم من فرص ظهور متلازمة انحلال الدم اليوريميَّة. على المريض ألاَّ يتناولَ أدويةً لوقف الإسهال ما لم يوافق الطبيبُ على ذلك، لأنَّ وقفَ الإسهال يُبقي جراثيم الإشريكية القولونية الضارَّة في الأمعاء. 
متى تنبغي زيارةُ الطبيب
على المريض أن يتَّصلَ بالطبيب في الحالات التالية:
إذا كان بِرازه مُدمَّى أو أسود.
إذا رأى قَيحاً في البراز.
إذا كان لديه ألمٌ في البطن لا يزول بعد التَّغَوُّط.
عند حُدوث الإسهال بعدَ السفر إلى بلد أجنبي.
في حالة الإسهال مع حرارة فوق 38.3 درجة مئوية (38 بالنسبة للأطفال).
عندَ ظهور أعراض الجفاف.
على المريض أيضاً مراجعةُ الطبيب إذا ازداد الإسهالُ ولم يتحسَّن بعدَ خمسة أيَّام. ويجب أخذُ الأطفال إلى الطبيب إذا استمرَّ الإسهالُ دون تحسُّن لمدَّة يومين. ينبغي أخذُ الطفل إلى الطبيب إذا بقيَ يتقيَّأ أكثر من اثنتي عشرة ساعة. وإذا كان عمرُ الطفل أقلَّ من ثلاثة أشهر، فيجب الاتصال بالطبيب فورَ بدء التقيُّؤ أو الإسهال. 
الوقايةُ من العدوى بالإشريكية القولونية
في معظم الحالات، يمكن الوقايةُ بسهولة من العدوى بالإشريكية القولونية. إنَّ أسهلَ طريقة للوقاية هي المثابرة على غسل اليدين، حيث يجب غسلُ اليدين دائماً بعدَ الخروج من المِرحاض وبعد تغيير حِفاظات الطفل. كما ينبغي غسلُ اليدين بعدَ ملامسة الحيوانات أو الأماكن التي تعيش فيها الحيوانات. يُعَدُّ طهيُ اللحم جيِّداً من الطرق الهامَّة الأخرى للوقاية من العدوى بالإشريكية القولونية. وأفضل طريقة للتأكُّد من أنَّ اللحمَ مطبوخٌ بشكل مناسب هي استخدامُ مقياس الحرارة. تحتاج الأنواعُ المختلفة من اللحم، والقطع ذات الحجم المختلف أيضاً، إلى درجات حرارة مختلفة حتَّى تصبحَ آمنة. ويمكن معرفةُ الحدِّ الأدنى من درجات الحرارة اللازمة للطبخ عبرَ استشارة البائعين. كما يجب الحذرُ عندَ التعامل مع اللحم النيِّئ، حيث تبقى جراثيمُ الإشريكية القولونية على السطوح التي تلامسها. ولذلك، يجب غسلُ اليدين دائماً بعدَ ملامسة اللحم النيِّئ. كما ينبغي تركُ اللحم المطبوخ بعيداً عن اللحم النيِّئ وتنظيف السطوح التي يوضَع عليها اللحم النيِّئ. يمكن أن تتلوَّثَ الفاكهةُ والخضروات الطازجة ببراز الحيوانات. ويجب غسلُ الفاكهة والخضروات قبلَ أكلها للوقاية من العدوى بالإشريكية القولونية. كما يجب أيضاً تجنُّبُ الحليب غير المغلي ومشتقَّات الحليب والعصائر غير المبسترة، مثل عصير التفاح الطازج؛ فهذه المنتجاتُ لم تتعرَّض لحرارة كافية لقتل جراثيم الإشريكية القولونية التي يمكن أن تكونَ فيها. كما ينبغي عدمُ ابتلاع الماء من أحواض السباحة أو البحيرات أو البرك أو الجداول، حيث يمكن أن تتلوَّثَ هذه المياهُ ولو بكمِّية قليلة من البراز، ممَّا يعني أنَّ الماءَ يحوي جراثيم الإشريكية القولونية. 
الخلاصة
الإشريكيةُ القولونية (إي كولاي) هي نوعٌ من الجراثيم. تكون بعضُ أنواع هذه الجراثيم غيرَ ضارَّة. وهي تعيش في الأمعاء دون أن تسبِّبَ أيَّةَ أمراض. ولكن هناك أنواع أخرى من الإشريكية القولونية يمكن أن تسبِّبَ المرض. معظمُ حالات العدوى بالإشريكية القولونية تنجم عن تناول الماء أو الطعام الملوَّث. ومن الممكن أن تنتقلَ العدوى من شخص لآخر، ولكن هذا نادر الحدوث. الوقايةُ من العدوى بالإشريكية القولونية أمرٌ بسيط، وذلك من خلال الحرص على غسل اليدين جيِّداً، وطبخ اللحم بشكل كامل، وتجنُّب المصادر المحتملة للإشريكية القولونية. يمكن أن تكونَ بعضُ حالات العدوى بالإشريكية القولونية خطيرةً على الحياة. ولكنَّ معظمَ حالات العدوى تتحسَّن من غير معالجة في غضون خمسة إلى عشرة أيَّام.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More