{ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ }

الأحد، 9 نوفمبر 2014

داﺀ كرون التهاباً في الجهاز الهضميِّ



يسبّب داﺀ كرون التهاباً في الجهاز الهضميِّ. وهو أحَدُ الأمراض الّتي نسمّيها داﺀ الأمعاﺀ الإلتهابي. يُمكن أن يصيب هذا المرض أي منطقة في الجسم، من الفم حتّى الشّرج. ولكنّه غالباً ما يُصيب القطعة السّفليّة من الأمعاﺀ الّدقيقة الّتي تُسمّى "اللّفائفي". 



ويبدو أنّ داﺀ كرون ينتشر في بعض الأسر عن طريق الوراثة. وهو يمكن أن يصيب كلّ المجموعات العمريّة ولكنّه غالباً ما يُظهر عند اليافعين. تكون الأعراض المألوفة هي الإسهال والألمٌ في البطن. يمكن أن يحدث أيضاً نزفٌ من المستقيم، وتراجع في الوزن، وألمٌ في المفاصل، ومشاكلٌ جلديّةٌ، وحُمّى. وقد يتعرّض الأطفال المُصابون بالمرض إلى مشاكلٍ في النّموّ. إنّ انسداد الأمعاﺀ وسوﺀ التّغذية هما من المشاكل الّتي قد تحدث أيضاً. 

قد تتضمّن المعالجة استعمال الأدوية والمتمّمات الغذائيّة، واللّجوﺀ إلى الجراحة، أو المشاركة بين هذه الخيارات. يتمتّع بعض المرضى بفتراتٍ طويلةٍ من الهجوع، حيث لا يعانون من أيّ أعراضٍ. 


مقدمة
داءُ كرون هو أحدُ مرضين شائعين من أمراض الأمعاء الإلتهابية. أمَّا المرضُ الشائع الثاني فهو التهاب القولون التقرُّحي. ويُعرف داءُ كرون بداء الوَرَمِ الحُبَيبِيِّ الالتِهابِيِّ الهَضمِيِّ المُزمِن. 

يسبِّب داءُ كرون والتهابُ القولون التقرُّحي التهاباً في الأمعاء، ولهما أعراض متشابهة جداً، ويُشخَّصان بالأسلوب نفسه. ويُصاب بهذين المرضين ملايين الأشخاص حول العالم. 

داءُ كرون والتهابُ القولون التقرُّحي هما شكلان مختلفان من أمراض الأمعاء الالتهابية. وهناك عدَّة فوراق هامَّة بين المرضين؛ فداءُ كرون قد يؤثِّر في أيِّ جزء من الجهاز الهضمي من الفم إلى الشرج. أمَّا التهابُ القولون التقرُّحي فيؤثِّر في القولون فقط. 

بالنسبة لداء كرون، يشمل الالتهابُ الأمعاءَ بكافَّة ثخانتها، أمَّا التهابُ القولون التقرُّحي فيؤثِّر في الطبقة الداخلية للأمعاء فقط. وقد يجعل المرضان الشخصَ عرضةً للإصابة بالسرطان، ولكنَّ التهاب القولون التقرُّحي هو أكثر خطراً في ذلك من المرض الآخر. 

يشرح هذا البرنامجُ التثقيفي ما هو داء كرون وكيفيَّة معالجته. 


تشريح الجهاز الهضمي
يمرُّ الطعامُ الذي نمضغه عبر المريء الذي هو أنبوب التغذية. 

ينتقل الطعامُ عبر المريء إلى المعدة، حيث يتمُّ هضم الطعام جزئياً. 

ثمَّ ينتقل الطعامُ المهضوم من المعدة إلى الأمعاء الدقيقة، حيث يتمُّ هضم معظم المواد المغذِّية وامتصاصها في الجسم. 

تصل الأليافُ والطعام المهضوم إلى القولون في نهاية المطاف، حيث يتمُّ امتصاصُ باقي المواد المغذِّية، ويتشكَّل البراز. 

يخزِّن آخرُ جزء من القولون البرازَ قبل إفراغه؛ ويسمَّى هذا الجزء بالقولون السيني والمستقيم. 

يشمل القولونُ عدَّة أقسام، وهي:
القولون الصاعد.
القولون المعترض.
القولون النازل.
القولون السيني.
المستقيم.
الشرج.


لجدران الأمعاء ثلاثُ طبقات؛ تسمَّى الطبقةُ الداخلية المخاطيةَ (الغشاء المخاطي)، ووظيفتها هضمُ الطعام وامتصاصه. 

أمَّا الطبقةُ الوسطى فهي عضلة تساعد في دفع الطعام خلال مروره عبر الأمعاء. 

وتُسمَّى طبقةُ الأمعاء الخارجية المَصليَّةَ وهي ملساء جداً كي لا تلتصق الأمعاءُ ببعضها البعض في جوف البطن. 


داء كرون
قد يؤثِّر الالتهابُ الذي يسبِّبه داءُ كرون في الجهاز الهضمي بأكمله، بينما يؤثِّر التهابُ القولون التقرُّحي في القولون فقط. 

قد يسبِّب داءُ كرون التهاباً في أيِّ جزء من الجهاز الهضمي، من الفم إلى الشرج. ويصيب هذا المرضُ عادةً القولونَ والجزء الأخير من الأمعاء الدقيقة الذي يُسمَّى اللفائفي. 

يمكن أن يشملَ الالتهابُ الذي يسبِّبه داء كرون طبقات الأمعاء الثلاث، ويسبِّب:
التهاب الأمعاء.
تندُّب الأمعاء.
انسداد الأمعاء.


ويمكن أن يسبِّب داءُ كرون تقرُّحات تمتدُّ على شكل أنفاق من مكان الالتهاب إلى الأنسجة المحيطة به، كالمثانة أو المِهبل أو الجلد. وتسمَّى هذه الأنفاق بالنواسير التي قد تصاب بالعدوى أيضاً. 

يمكن معالجةُ النواسير بالأدوية، ولكن قد تتطلَّب إجراء جراحة في بعض الحالات. وتُصاب الأماكنُ المحيطة بالشرج والمستقيم بها غالباً. 

يسبِّب داءُ كرون مشاكل غذائية عادةً، منها نقص البروتين أو السعرات الحرارية أو الفيتامينات. 

هناك ثلاثةُ أسباب رئيسيَّة للمشاكل الغذائية أو نقص الغذاء التي يعاني منها المصابُ بداء كرون، وهي:
عدم تناول المريض كمِّية كافية من أنواع معيَّنة من الطعام.


الإصابة بالإسهال الذي يؤدِّي إلى فقدان البروتين.


عدم امتصاص جسم المريض للعناصر الغذائيَّة بشكل تام.


تشمل المشاكلُ الصحِّية الأخرى المرتبطة بداء كرون:
التهاب المفاصل.
المشاكل الجلدية، كالطفح أو التقرُّحات.
التهاب العين أو الفم.
حصى الكلى.
الحَصَيَات الصفراوية (أو حصى المرارة).
أمراض الكبد.



أسباب وأعراض داء كرون
ليس هناك أسبابٌ معروفة لداء كرون. ولكن، يعتقد العلماءُ أنَّ السبب هو ردَّة فعل الجهاز المناعي في الجسم عند التعرُّض لفيروس أو جرثوم، ممَّا يؤدِّي إلى التهاب جدران الأمعاء. 

يتكوَّن الجهازُ المناعي من خلايا دمويَّة ومواد كيميائية تكشف الجراثيمَ والفيروسات وتقتلهما. وعندما يحاول الجهازُ المناعي مكافحةَ الجَراثيم في الأمعاء، قد يسبِّب الالتهابَ أو التورُّم أو التلف أوالتندُّب. 

يمكن أن يكونَ سببُ الإصابة بداء كرون وراثياً؛ فحوالي عشرين بالمائة من مرضى داء كرون لديهم أقارب مصابون بداء الأمعاء الالتهابي. 

يُصابُ الرجالُ والنساء بداء كرون على حدٍّ سواء؛ كما يُصاب الأطفال الصغار بهذا الداء أيضاً. 

إنَّ أكثر أعراض داء كرون شيوعاً هو الألم في الجزء السفلي الأيمن من البطن والإسهال. 

وقد يعاني مرضى داء كرون من نزف في المستقيم ونقص الوَزن والحمَّى. وإذا ما كان النزف خطيراً ومستمراً، فقد يؤدِّي إلى فقر الدم، أي إلى نقص غير طبيعي في عدد الكريَّات الحمراء في الدم. 

قد يعاني الأطفالُ المصابون بداء كرون من نقص في النموِّ. 

الناسورُ هو اتِّصال غير طبيعي بين عضوين في الجسم أو بين عضو معيَّن وظاهر الجسم؛ فمثلاً، قد يكون الناسورُ اتِّصالاً ما بين الأمعاء والمثانة أو الأمعاء والمهبل أو القولون والخارج. وإذا ظهرت النواسير، فقد يتسرَّب منها الغازُ والبراز. أمَّا إذا ظهر الناسورُ بين الأمعاء والجلد، فقد يتسرَّب الغاز والبراز من المسامات في الجلد. 

عندَ النساء، قد تظهر النواسيرُ بين الأمعاء والمهبل، فيتسرَّب الغاز والبراز من المهبل. 

بالنسبة للرجال والنساء المصابين بالنواسير، التي تصل ما بين الأمعاء والمثانة، فقد يخرج الغاز والبراز عبر الإحليل في أثناء التبوُّل. 

كما قد يسبِّب داءُ كرون العدوى المعوية التي تسبِّب تكاثرَ الجَراثيم وظهور جيوب القيح في البطن. ويمكن أن تسبِّب العدوى المعوية ألماً شديداً وحمَّى، وقد تؤدِّي إلى الموت إذا لم تتمُّ معالجتُها. 

في بعض الحالات، يسبِّب داءُ كرون انسداد الأمعاء. وقد يؤدِّي هذا الانسدادُ إلى الموت إذا لم يُعالج بسرعة. وتضمُّ العلامات الأكثر شيوعاً للانسداد ألمَ البطن وتمدُّده والغثيان والقيء. 

يزيد داءُ كرون من احتمال الإصابة بسرطان القولون. لذا، من الضروري إجراء فحوصات طبِّية بانتظام. وإذا تمَّ اكتشافُ سرطان القولون مبكِّراً، فمن الممكن علاجه. 


تشخيص الإصابة بداء كرون
قد يتطلَّب تشخيصُ الإصابة بداء كرون فحصاً طبِّياً مفصَّلاً، بالإضافة إلى اختبارات طبِّية خاصَّة. 

تكشف اختباراتُ الدم عن الإصابة بفقر الدم الذي قد يدلُّ على وجود نزف معوي. كما قد تدلُّ هذه الاختباراتُ التي تظهر ارتفاعاً في عدد كريَّات الدم البيضاء على وجود التهاب. 

أمَّا فحص عيِّنة من البراز فيدلُّ على وجود نزف أو التهاب في الأمعاء. 

قد يجري الطبيبُ فحصاً للأمعاء الدقيقة يُسمَّى الفحصَ الشُّعاعي للجزء العلوي من الجهاز الهضمي، حيث يشرب المريضُ مادَّة الباريوم، وهو سائل طبشوري يغلِّف الطبقةَ الداخلية للأمعاء، ثم يُجري الطبيبُ صوراً شُعاعية. ويظهر الباريوم أبيض اللون في فلم الأشعَّة، فيبُرِز أيَّ خلل في الأمعاء بوضوح. 

كما قد يُجري الطبيبُ تنظيراً للقولون للنظر إلى داخل الأمعاء الغليظة. لذلك، يُدخِل الطبيبُ أنبوباً طويلاً ومرناً ومُضاءً يسمَّى المنظار في الشرج. ويتَّصل هذا المنظارُ بكاميرا تظهر أيَّ التهاب أو نزف في الأمعاء. 

في أثناء التنظير، قد يأخذ الطبيبُ خزعة، وهي عيِّنة من النسيج يأخذها من بطانة الأمعاء لفحصها بواسطة المِجهر. 

إذا أظهرت الاختبارات الإصابة بداء كرون، فقد يضطرُّ الطبيبُ لإجراء صور شعاعية للجزء العلوي والسفلي من الجهاز الهضمي لتحديد الأماكن المصابة بالداء. 


علاج داء كرون
يهدف علاجُ داء كرون إلى:
السيطرة على الالتهاب.
معالجة نقص العناصر الغذائيَّة.
التخفيف من الأعراض.


قد يشمل العلاجُ الأدوية والمكمَّلات الغذائية والجراحة، أو علاجاً يجمع ما بين عدَّة خيارات من طرق العلاج المذكورة. 

قد لا يعاني بعضُ مرضى داء كرون من أيَّة أعراضٍ لعدَّة شهور أو سنوات. ولكنَّ الأعراض تعود عدَّة مرات في حياتهم عادةً. وبما أنَّ هذا المرض يزول ويعود بشكلٍ عشوائي، فإنَّ من الصعب اكتشاف مدى نجاح طريقة العلاج في معالجته. 

قد يحتاج مرضى داء كرون إلى رعاية طبِّية لفترةً طويلةً من الزمن، مع زيارات دوريَّة للطبيب لمراقبة حالتهم. 

يمكن السيطرةُ على الالتهاب الذي يسبِّبه داءُ كرون بواسطة الأدوية المضادَّة للالتهاب. وتحتوي هذه الأدويةُ على الستيرويدات والميسالامين. ويعدُّ السُّلفاسالازين هو أكثر الأدوية التي تحتوي على الميسالامين استعمالاً. ولكن، قد تسبِّب هذه الأدوية أعراضاً جانبية منها:
الغثيان.
القيء.
حُرقة الفؤاد أو الحرقة في المريء.
الإسهال.
الصُّداع.


كما تُستخدم الأدويةُ التي تثبِّط الجهازَ المناعي في معالجة داء كرون، حيث تمنع هذه الأدويةُ ردَّة فعل الجهاز المناعي التي تؤدِّي إلى الالتهاب. وتشمل هذه الأدوية: 6- مِركابتوبورين والآزاثيوبرين. 

قد تُستخدَم المضادَّاتُ الحيوية في علاج الجَراثيم التي تنمو في الأمعاء الدقيقة. 

يمكن أن يسبِّب عاملُ نخر الورم، وهو مادَّة كيميائية في الجسم، الالتهابَ المرتبط بداء كرون. وتتوفَّر اليوم أدويةٌ تكافح عامل نخر الورم لمعالجة حالات داء كرون التي لا تستجيب للأدوية الأخرى؛ وتشمل هذه الأدويةُ المضادَّة لعامل نخر الورم الإنفليكسيماب أو الريميكاد. ولكنَّ الأبحاثَ الحديثة أظهرت أنَّ بعضَ هذه الأدوية قد يسبِّب زيادة في خطر الإصابة بالسرطان، خاصَّةً عند الأطفال والمراهقين. لذا، لابدَّ من استشارة الطبيب عن مخاطر هذه الأدوية ومنافعها. 

حين يخفُّ الالتهابُ، يتراجع الإسهالُ والألم في الجزء السفلي الأيمن من البطن، ولكن قد يحتاج المريضُ إلى المزيد من العلاج، فيُعالج المرضى المصابون بالجفاف نتيجة الإسهال والكهارل. 

قد تساعد الجراحةُ التي تستأصِل جزءاً من الأمعاء في علاج داء كرون، ولكنَّها لا تشفي من المرض بشكل تام؛ فالالتهابُ يعود غالباً في المنطقة المجاورة للمكان الذي تمَّ استئصالُه من الأمعاء. 

يحتاج العديدُ من مرضى داء كرون إلى إجراء جراحة للحدِّ من الأعراض أو لمعالجة بعض المضاعفات، كالانسداد أو الثقوب أو النواسير أو الخراجات أو نزف الأمعاء. 

قد يحتاج بعضُ مرضى داء كرون إلى استئصال القولون بأكمله جراحياً؛ وتسمَّى هذه الجراحةُ استئصالَ القولون. كما قد يضطرُّ المريضُ إلى إجراء جراحة تُسمَّى فغر القولون (أو ما يُدعى الشرج المضاد للطبيعة)، وهي تغيير مسار الأمعاء إلى فتحة في البطن. 

قد يوصي الطبيبُ المريضَ بتناول المكمِّلات الغذائية، وخاصة الأطفال الذين لم ينموا بشكلٍ كامل بعد. كما قد يصف الطبيبُ أحياناً شراباً خاصاً يحتوي على كمِّية عالية من السُّعرات الحرارية. 

في بعض الحالات النادرة، يضطرُّ مرضى داء كرون إلى أخذ الغذاء عن طريق الوريد بواسطة المصل لفترة محدودة، حيث يعطيهم المصل غذاءً إضافياً ويريح أمعاءَهم. 


داء كرون والتغذية
لم تُثبت فعَّالية أيِّ نظام غذائي خاص في الوقاية من داء كرون أو علاجه. 

يجد بعضُ الأشخاص أنَّ الأنواع التالية من الأطعمة تزيد من حالتهم سوءاً، وهي:
الحليب.
الكحول.
التوابل.
الألياف.


يجب على مرضى داء كرون اتِّباع نظام غذائي مغذٍّ وتجنُّب الأطعمة التي تزيد من حالتهم سوءاً. ومن الأفضل استشارة الطبيب قبل تناول الفيتامينات. 


داء كرون والحمل
لا يؤثِّر داءُ كرون في الحمل عادةً. ولكن يجب أن تستشيرَ المرأةُ المصابة بداء كرون الطبيبَ قبل أن تقرِّر الحمل. 

لا يؤثِّر داءُ كرون في معظم الأطفال الذين يولدون من أمهات مصابات بداء كرون. 


الخلاصة
قد لا يشعر مرضى داء كرون بأيِّ توعُّك أو بأيِّ أعراض لمدة طويلة من الزمن، وذلك لأنَّ المرض يكون غير نشيط خلال هذه الفترة. 

هناك عدَّةُ طرق لعلاج داء كرون، وهي ناجحة عادةً في الحدِّ من الأعراض التي تصيب المرضى عندما يكون المرضُ فاعلاً. 

قد يضطرُّ مرضى داء كرون إلى تناول الأدوية أو تلَّقي العلاج في المستشفى في بعض الأحيان. ولكن بالرغم من ذلك، فإنَّهم يستطيعون الاستمرار في وظائفهم وإنجاب الأطفال وممارسة حياة طبيعية في المنزل والمجتمع بنجاح!

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More