ارتِخاء المريء
تعذُّرُ ارتِخاء المريء achalasia هُو اضطِرابٌ يُصيبُ المريء oesophagus، ويجعله يفقِدُ قُدرتَه على تمرير الطعام، كما يفقِدُ الصِّمامُ الموجود في نِهاية المريء أيضاً قُدرتَه على الفتح لتمرير الطعام إلى داخِل المعِدة
نتيجةً لهذا، يعلَقُ الطعامُ في المريء ويعود إلى الأعلى من جديد في مُعظم الحالات.
تعملُ حلقةٌ عضليَّةٌ تُسمَّى المصرَّةَ المريئيَّة السُّفليَّة lower oesophageal sphincter على بقاء نقطة التِقاء المريء بالمعِدة مغلقةً بإحكام للوِقاية من الارتِجاع الحمضيّ acid reflux (ارتِجاع الحمُوضة المعِديَّة إلى داخل المريء). تسترخي هذه العضلةُ بشكلٍ طبيعيٍّ عندما يبتلِعُ الإنسانُ الطعامَ لتمريره إلى داخِل المعِدة؛ ولكن عندَ الإصابة بتعذُّر ارتِخاء المريء، لا تسترخي هذه العضلةُ بشكلٍ مُناسِب، ويحدُث انسِدادٌ في نِهاية المريء بسبب تراكُم الطعام.
لا يُعدُّ تعذُّر ارتِخاء المريء من الحالات الشائِعة، ويُسمَّى تشنُّج الفؤاد cardiospasm أحياناً.
ما هي أعراض تعذُّر ارتِخاء المريء؟
يُمكن أن تبدأَ أعراض تعذُّر ارتِخاء المريء في أيّة مرحلةٍ من الحياة، وتكون مُتدرِّجةً عادةً.
يُعانِي مُعظمُ مرضى تعذُّر ارتِخاء المريء من عسر البَّلع dysphagia، وهي حالةٌ يُواجِهُ فيها الشخصُ صُعوبةً وأحياناً ألماً عند تناول الطعام، وتميلُ هذه الحالةُ إلى التفاقُم خلال عامين.
ربَّما يُؤدِّي تعذُّرُ ارتِخاء المريء إلى ارتِجاع الطعام غير المهضوم بعدَ فترةٍ قصيرةٍ من تناوُل الوجبات، وقد يعلق بعض الطعام المُقاء في المريء لبعض الوقت.
يُمكن أن يُؤدِّي ارتِجاعُ الطعام غير المهضوم إلى الاختِناق ونوباتٍ من السُّعال وألم الصَّدر وحرقة الفؤاد heartburn؛ وأحياناً يخرج ناتج القيء من الفمِ، ويترك بُقعاً على الوِسادة في أثناء النَّوم، وإذا دخل إلى الرُّغامى windpipe، يُمكن أن يُسبِّب حالات عدوى متكرِّرة في الصدر، وحتى الالتِهاب الرئويّ pneumonia.
ربَّما يفقِد المريضُ أيضاً كميَّةً ملحُوظةً من وزن البدن، ولكن تدريجيَّاً.
يجب التنويهُ إلى أنَّ تعذُّرَ ارتِخاء المريء لا يُسبِّبُ أيَّة أعراض عند بعض المرضى، وهو يُكتشَف فقط عند الخُضوع إلى تصويرٍ للصدر بالأشعَّة أو غير ذلك من الفُحوصات التي تُجرى لأسبابٍ أخرى.
ما الذي يُسبِّبُ تعذُّر ارتِخاء المريء؟
يُصابُ الشخصُ بتعذُّر ارتِخاء المريء عندما يتعرَّض إلى ضرر أو فقدان للأعصاب في جدران المريء، ولا يُعرف السبب الذي يُؤدِّي إلى هذا، رغم أنَّ عدوى فيروسيَّة في بِداية العُمر قد تُمارِسُ دوراً جزئيَّاً.
كما قد يترافق تعذُّرُ ارتِخاء المريء أيضاً مع مشكلةٍ في المناعة الذاتيَّة، حيث يُهاجِمُ جِهاز مناعة البدن الخلايا السَّليمة والنُّسج والأعضاء، وقد وجدت دراسةٌ حديثةٌ أنَّ مرضى تعذُّر ارتِخاء المريء هُم أكثر عرضةً للإصابة بمشكلةٍ في المناعة الذَّاتية، مثل مُتلازِمة شوغرين Sjogren’s syndrome أو الذِّئبة lupus أو التِهاب عنبيَّة العين uveitis.
يُمكن أن يُصابَ الإنسانُ بتعذُّر ارتِخاء المريء في أيَّة مرحلةٍ من مراحل حياته، ولكن هذه الحالةَ أكثرُ شُيوعاً عند الأشخاص في مُنتصف العُمر أو البالغين من كِبار السنّ.
لا يُوجد دليلٌ يُشيرُ إلى أنَّ تعذُّرَ ارتِخاء المريء من الأمراض التي تنتقِلُ بالوِراثة؛ فالنِّساءُ اللواتي يُعانينَ من هذه الحالة يُمكنهنَّ الحمل بشكلٍ طبيعيٍّ، ولا يُوجد سبب في أنَّ أطفالهنَّ لن يُصابوا بهذا المرض بشكلٍ طبيعيّ.
كيفَ يُشخَّصُ تعذُّر ارتِخاء المريء؟
عندما يرى الطبيبُ أنَّ هناك احتِمالاً في الإصابة بتعذُّر ارتِخاء المريء، سيقوم بإحالة الإنسان إلى المُستشفى لإجراءِ بعض الفحُوصات التشخيصيَّة.
وجبة الباريوم BARIUM SWALLOW
تنطوي وجبةُ الباريوم على تقديم سائِل أبيض يحتوي على مادَّة الباريوم، يشربه المريض ممَّا يسمح بمُشاهدة المريء عندَ التصوير بالأشعَّة.
عندما يكون الشخصُ مُصاباً بتعذُّر ارتِخاء المريء، لا تفتح النهايةُ السفليّة من المريء بشكلٍ مُناسِب، ممَّا يُؤخِّرُ من مُرور مادَّة الباريوم إلى داخل المعِدة؛ ويُمكن لتصوير الصَّدر بالأشعة العاديَّة أن يُظهِرَ توسُّعَ المريء.
التنظير الدَّاخلي ENDOSCOPY
المِنظارُ endoscope هُو أنبوبٌ مرِن يدخل من الحلق نحو الأسفل بشكلٍ يسمح للطبيب أن يُشاهِدَ بِطانة المريء والمعِدة مُباشرةً، ولكن لا يُمكِّنه من مُشاهدة الطعام العالق في المريء.
يستطيع المنظارُ المرورَ عبر العضل المشدود في أسفل المريء إلى داخِل المعِدة، وذلك لمعرِفة ما إذا كان هناك اضطرابٌ آخر في المعِدة.
قِياسُ الضَّغط MANOMETRY
في هذا القياس، تُقاس موجاتُ الضغط في المريء، حيث يُمرَّرُ أنبوبٌ بلاستيكيّ صغير إلى داخل المريء عبر الفم أو الأنف، ويجري قِياسُ الضغط في نقاطٍ مُختلفةٍ من المريء.
عندما يُصاب الإنسانُ بتعذُّر ارتِخاء المريء، تضعف تقلُّصاتُه أو تختفي عادةً، ويستمر الضغط المُرتفِع في العضلة الموجودة في النهاية السفليّة من المريء، ويعني الضغط المُرتفِع أنَّ العضلةَ لا تسترخي استِجابةً للبلع، ممَّا يُؤدِّي إلى أعراض تعذُّر ارتِخاء المريء.
كيفُ يُعالَج تعذُّر ارتِخاء المريء؟
تهدُف مُعالجةُ هذه الحالة إلى فتح المصرَّة المريئيَّة السُّفليَّة بحيث يستطيع الطعامُ المرورَ إلى المعِدة بسهولة. ولا يُمكن عِلاجُ المرض الكامِن، ولكن هناك عدَّة طُرق للتخفيفِ من الأعراض وتحسين عملية البلع والأكل.
العِلاج بالأدوية
ربَّما تُساعد الأدويةُ على استِرخاء العضل الموجود في أسفل المريء مُؤقَّتاً، ويُمكن لأقراص النترات nitrates أو دواء نيفيديبين nifedipine أن تُؤدِّي إلى تحسُّن وجيز في عمليَّة البلع، ولكنَّها ليست فعَّالةً مع جميع المرضى، وبشكلٍ عام تبقى هذه الأدويةُ نافِعةً عندما تكون جزءاً من مُعالجةٍ دائِمةٍ أكثر.
يُمكن لهذه الأقراص أن تُسبِّبَ ألماً في الرأس، ولكن يخفّ الألم عادةً مع الاستمرار في المُعالجة.
تمديد أو توسيع العضلة DILATATION
تحتاج هذه الطريقةُ في علاج تعذُّر ارتِخاء المريء إلى إعطاء المُسكِّنات أو التخدير العام، حيث يُستخدم بالون بقطرٍ يتراوَح بين 3 إلى 4 سنتيمتراتٍ لتمديد أو خَلخلة ألياف عضلة المصرَّة المريئيَّة السفلية.
تُؤدِّي هذه الطريقةُ إلى تحسين عمليَّة البلع عادةً، ولكن قد يحتاج الأمرُ إلى إجرائِها عدَّةَ مرَّاتٍ، أو إعادتها بعدَ عامٍ أو أكثر؛ وهي لا تُؤدِّي إلى زيادةٍ في خطر تمزُّق المريء oesophageal rupture، الذي يحتاجُ إلى جراحة عاجِلة.
ذيفان السَّجقيَّة أو الوشيقيَّة BOTULINUM TOXIN (حُقَن البوتوكس BOTOX INJECTION)
يُساعِد البوتوكس على استِرخاء الألياف العضليَّة، ويُمكن حقنُه بدون ألم في عضلة المصرَّة المريئيَّة السُّفليَّة عن طريق استِخدام المنظار.
تُعدُّ هذه الطريقةُ فعَّالةً لعدَّة أشهر، وربَّما لعدَّة سنوات أحياناً، ولكن يجب إعادتها. يُمكن استِخدامُ البوتوكس للتخفيف من الحالة بشكلٍ مُؤقَّت بالنسبة إلى الأشخاص الذين لا يستطيعون الحُصولَ على طُرقِ مُعالجةٍ أخرى.
جِراحةُ بضع المريء
يُستخدَم التخديرُ العام في هذا النوع من الجراحة للوصول إلى المريء عن طريق البطن أو الصدر في حالاتٍ نادِرةٍ، حيث تُبضَع المصرَّةُ المريئيَّة السُّفليَّة، ممَّا يُؤدِّي إلى تحسُّنٍ دائِمٍ في عمليَّة البلع.
التعافي من بعد المُعالجة
هناك عدَّة أمور يُمكِن القيام بها بعد المعالجة بتوسيع العضلة أو الجراحة للتقليلِ من الأعراض، وتنطوي على التالي:
مضغُ الطعام بشكلٍ جيِّدٍ.
أخذ الوقت الكافي للأكل.
شُرب الكثير من السوائِل مع الوجبات.
تناوُل الطعام في وضعية الجلوس مُنتصباً دائماً.
استخدام أكثر من وسادة عند النوم بحيث يكون الرأسُ مُرتفِعاً مع ميلان الجسم نحو الأسفل، ممَّا يمنع الحمضَ المعِدي من الارتِجاعِ نحو المريء عبر الصمام الضعيف، ويُسبِّب حرقة الفؤاد heartburn.
عندَ الإصابة بحرقة الفؤاد بعد المُعالجة، يجب استِشارةُ الطبيب لأنَّ الحالة قد تحتاج إلى أدويةٍ للتقليل من الارتِجاع الحمضيّ. من الطبيعيّ أن يستمرَّ الألمُ في الصدر لفترة من بعد المُعالجة، ويُساعِد شُربُ الماء البارِد على التخفيف من هذا الألم عادةً.
خطر سرطان المريء
إذا احتوى المريءُ على كميَّةٍ كبيرةٍ من الطعام الذي لا يدخل إلى المعِدة بالشكلٍ الطبيعيّ، يزداد خطرُ سرطان المريء بعضَ الشيء، وتميل هذه الزِّيادةُ في الخطر إلى أن تُصبِح ملحُوظةً إذا بقيت الحالةُ فترةً طويلة بدون عِلاج: وبذلك تأتي أهميَّة الحُصول على مُعالجة مُناسبة لتعذُّر ارتِخاء المريء مُباشرةً، حتى إن كانت الأعراض لا تُسبِّبُ الإزعاج للإنسان.
يقولُ المركز البريطاني لأبحاث السرطان إنَّه بالمُقارنةِ مع جميع الشرائح الشريَّة:
يُواجِهُ الرِّجالُ الذين يُعانون من تعذُّر ارتِخاء المريء زِيادةً في خطر سرطان المريء بمعدل يتراوح بين 8 إلى 16 مرَّةً.
تُواجِهُ النِّساءُ اللواتي يُعانين من تعذُّر ارتِخاء المريء زِيادةً تصل إلى 20 مرَّةً في خطر نوعٍ مُعيَّنٍ من سرطان المريء oesophageal cancer يُسمَّى السرطانة الغديَّة adenocarcinoma.
على أيَّة حال، يُعدُّ سرطانُ المريء من الحالات غير الشائِعة؛ وبالرغم من ازدياد خطره بعض الشيء، يبقى احتِمالُ الإصابة به قليلاًجميع الشرائح الشريَّة:
يُواجِهُ الرِّجالُ الذين يُعانون من تعذُّر ارتِخاء المريء زِيادةً في خطر سرطان المريء بمعدل يتراوح بين 8 إلى 16 مرَّةً.
تُواجِهُ النِّساءُ اللواتي يُعانين من تعذُّر ارتِخاء المريء زِيادةً تصل إلى 20 مرَّةً في خطر نوعٍ مُعيَّنٍ من سرطان المريء oesophageal cancer يُسمَّى السرطانة الغديَّة adenocarcinoma.
على أيَّة حال، يُعدُّ سرطانُ المريء من الحالات غير الشائِعة؛ وبالرغم من ازدياد خطره بعض الشيء، يبقى احتِمالُ الإصابة به قليلاً
0 التعليقات:
إرسال تعليق